لاديني

الأديان خرافات تنجح نجاحاً باهراً في ثلاثة أمور: الفرقة بين البشر ، السيطرة على البشر ، إيهام البشر.

السبت، 17 ديسمبر 2011

سلام للعقلاء

انا
لا حاجة للاعتذار عن الغياب ففي زحمة الأيام لا أحد يحفل، والمرء يغيب من هنا لكنه يبقى هناك..
تفاجأت بتسارع الأحداث ثم ألقيت بنفسي في دوامتها حتى أصبح الجلوس إلى مدونتي للحديث عن الخرافة عمل خرافي في ذاته ، الموت كان خبز يومي، وصوت القلم يبدو خفيضاً عند دوي المدافع، لا حاجة للاعتذار..فهذه أيام مزدحمة ولا أحد يحفل.
الفرق شاسع جداً بين أن تشاهد الدم عبر أسطر منشورة أو عبر أهداب مذيعة وأن تشاهده عبر شارعك مسفوحاً من طفل، فهاهنا مستبد حقيقي يعض على أديم العرش بأضراسه ويحرق جثث قتلى شعبه ويعتبر ثمن حياتك وكل من تعرف أولا تعرف تساوي صفر.


وبجرأة سيكتبها المؤرخ دوماً ملحقة بعلامة تعجب..أستل مجانين السلاح من فم التمساح بأذرع عارية، لتُروى قصة بشعة بدايتها إرادة مذهلة ونهايتها انتصار منهك وما بينهما جراح تضمد ببلسم يسمونه حرية.
الديكتاتور أغلق عينيه طيلة الوقت واكتفى بالاندهاش والعربدة مطلقاً يديه حتى قعقع السلاح عند أذنيه، ظن رسول الصحراء أن الأرض ومعها الشعب هما ثمن نبوته التي يرثها بنوه ذوي الدم الأزرق اثنان وأربعين سنة طويلة أخرى وأن هذا هو القدر.
وأنا أسخر منه وأتجول في شوارع بنغازي بدون أن أرى له أي صورة أو مبنى أو أثر بعد بضعة أيام فقط من انطلاق الثورة، أمر يخلف في النفس شعوراً من النشوة وكأن مشكلتي مع النظام كانت شخصية بحتة، أنهار الدم التي سالت جعلت الويل نفسه مقبولاً ولا يبقى القذافي حاكماً، تكاتفت الأيدي وكأن الجميع ممثلين في فيلم تبشيري مغالى فيه، وبدل أن يردد الناس (إرحل) رددوا (قادمون إليك)، باقي القصة تعرفونها.

و بكل اللغات توحد المعنى، ذيُلت الشاشات بأسطر حمراء وتركزت عدسات الأقمار وانعقدت المؤتمرات الدولية وعلا صوت الهتاف وحشدت الصفوف وارتفع النفط وكُتبت المقالات وانعقدت الاتصالات ودبرت المؤامرات وتحركت البارجات وأغارت الطائرات وصار كل بيت في بلادي المنسية صالحاً لريبورتاج عالمي سعيد ومأساوي في نفس الوقت..أما الله فكعادته اكتفى بالتفرج مطمئناً إلى أنه في النهاية سوف يُنسب إلى حكمته كل شيء.
تكبير.. الله أكبر.. وأسلحة الفتك تطلق حممها على البيوت والله نائم، تكبير..الله أكبر..والشباب يُقتلون في حرب غير متعادلة والله غير مهتم، تكبير..الله أكبر..والناس في رمضان يحمدون الله على حمايتهم من القذافي بينما من يفعل هي طائرات من غير طيار صنعها علماني فاجر، تكبير..الله أكبر..والأشهر تتالى والناس تمشي على الجمر..داعين الله..لكنه أصم، تكبير..الله أكبر..وأخيراً سقط الطاغية..فيبدو أن الله استيقظ متأخراً جداً بعد سنين من العذابات وعلى وقع رصاص الشعب الهادر وقذائف الناتو ليُسقط الطاغية في آخر المطاف على أرض محروقة، تكبير..الله أكبر كذبة.
الله أكبر
عندما يصدق الشخص او يصدق من حوله أنه ملهم لدرجة تخوله القول أن هذا الإلهام هو مصدر سلطته فهو يشبه النبي، ومن حسن الحظ أننا لم نعد نصدق الأنبياء المعاصرين ولهذا برزت مفاهيم ترتدي الحرير من نوع الليبرالية والديمقراطية وتداول السلطة وحقوق الإنسان، أما الأنبياء الميتين منذ قرون فقد تحولوا لمصدر تأويلي يتم إخضاعه ليتناسب مع هذه المفاهيم الحديثة بألاعيب دجلية إلى حد إثارة الغثيان، وفي داخلنا جميعاً نعلم أن الأنبياء وجميع خلفائهم..من كبير كهنة الفراعنة حتى شيخ حينا..هم عبارة عن مستبدين صغار.

أما الحرية..فأراها هناك في الأفق بعد أن سقط النبي بين أيدي مكذبي نبوته، اليوم أستطيع الحديث بصوت عال دون أن أترقب زوار الفجر، الجميع يعتبرون أنفسهم منتزعي هذا الحق وبالتالي هم الأولى باستخدامه، نزلوا إلى الشارع وامتشقوا السلاح بدون أقنعة فكنت أرى الإسلاميين مع العلمانيين مع من لا يعون أي معنى لهذه التصنيفات من الأصل، صار واجباً على كل مدعي الوطنية أن يساهم مبرهناً على صحة منهجه أو فليقنع بالنسيان والنواح، قرابة الثمانية أشهر قضيتها متجولاً بين كافة مدن الساحل فعرفت شعباً ظلمته بظني أنه سيبقى ذليلاً خانعاً إلى الأبد فإذا به أسد يفترس عدوه أولاً فإن جاع قد يفترس بنيه.
لم يعد لحالة الكمون معنى فكافة النوافذ فتحت ويجب صد من يحاول إغلاق أياً منها، الإسلاميون هنا بدأوا ينتظمون ويتمولون ويرشون ويتسللون إلى مراكز صنع القرار مزودين بكافة ما يلزم بدءً من القرآن وحتى راجمات الصواريخ، وما دام هناك من يرفض استخدام عقله وعلمه مستبدلاً ذلك بالمنهج الإلهي السحري فسيجد الإسلاميون كثير من الأتباع، وما أجمل الدين عندما يكون مطية لحشد الأصوات ببرنامج انتخابي لما بعد الموت، حتى أنني أراها جولة خاسرة للتيار العلماني منذ الآن فيبدو أن الشعوب تحب أن تجرب بنفسها..وتكرر تاريخ من سبقها..حتى تدرك فداحة خطأها، وأرجو حينئذ أن تجد خط رجعة رغم فوات الأوان.
ديمقراطية الإسلام
في خضم كل هذا كنت أتمكن من زيارة صفحتي الأثيرة هذه مراجعاً ما يجد من التعليقات، وهي تعليقات تدور في نفس الدائرة وتتضمن أسئلة في معظمها قمتُ بالكتابة عنها سلفاً مما يغني عن التكرار، لكنني أشعر بالوفاء إزاء هذه المدونة لما عنته لي من واحة تعبير في صحراء قاحلة، وعن طريقها تعرفت على ثلة من أروع الأصدقاء الذين يصعب لقاء أمثالهم، وما كان هجرانها إلا اضطرارياً لأسباب يمكن للمتمعن تخمينها، فبعد الزلزال الذي حصل هاهنا يعتبر استهلاك المزيد من الوقت والمداد في اجترار وتعرية الإسلام وباقي الأديان رفاهية لا استطيع نيل المزيد منها، وأود لو استخدم وقتي على الشبكة فيما هو أقرب وأكثر إلحاحاً فقد قلتُ كلمتي في الأديان وكافة ما عندي وضعته على الطاولة بصراحة فائقة، وحان وقت المضي وترك باقي المهمة لعناكب Google الطيبة.
فإذا زار أحد هذه المساحة يوماً فسيجد التعليق مفتوحاً للجميع حتى أجد عذراً للمرور هنا مراجعاً ما يستجد، كما سأظل على Facebook وأتابع بريدي الظاهر على جانب المدونة لأتواصل مع كنزي من الأصدقاء، هذا بينما أنشيء مدونة أخرى باسمي الحقيقي تهتم بالجوانب السياسية والاجتماعية في بلدي فالتنوير مجالاته متعددة، وإذا تصادف أن وقع أحدكم على تلك المدونة وخمن من الطابع أو الأسلوب انها لي فليعلم أن المدونات كثيرة والأساليب تتشابه!

شكراً للجميع المتفقين والمختلفين والذين بين بين، وآسف لعدم تعقيبي على تعليقاتكم مؤخراً، فقد استفدت منكم وآمل أنني أفدتكم، وتحية للأصدقاء الأعزاء برجاء أن نظل على تواصل..
أستودعكم عقولكم، ودوماً أقول:
سلام
سلام للعقلاء
شارك الآخرين

الثلاثاء، 18 يناير 2011

في رحاب سورة يوسف




(كانت ليلة باردة ولكن جسدها ساهر دافيء يتضور رغبةً إلى أنامله الحانية، أغلقت مزلاج آخر نافذة بإحكام وهدوء، وعلى أطراف أصابع قدميها تأكدت من ذهاب جميع الخدم إلى مراقدهم وأن زوجها في الخارج..
وحدهما في البيت، ستذهب إليه الآن وتلقي بكل شوقها بين ذراعيه،اضطربت أنفاسها عند باب غرفته فأخذت تنصت برهة إلى صوته وهو يتمتم بالصلاة في الداخل، لطالما أرادته بكل أنوثتها والليلة قررت ان تنهي الانتظار، ارتعشت شفتيها وهي تهمس باسمه: يوسف).

مارويته أعلاه هو بداية موقف الذروة أو الـ "ماستر سين" في السيناريو الذي سيُعرف فيما بعد باسم سورة يوسف، مكية متوسطة الطول تتميز بأنها سرد مترابط إلى حد كبير على عكس ما اعتدنا في القرآن، ولا تعدو أن تكون قصة خرافية منقولة مما روته الكتب الدينية السابقة.

يوسف حسب الرواية الدينية وصل إلى أعلى المراتب في الدولة فلماذا لم تذكره أياً من سجلات ممالك الجوار على الأقل؟، لعل كل ما هناك أن ورقة بن نوفل ترجم القصة عن بعض الكتابات التي تشكل جزءً من التلمود والإنجيل ثم أثبتها محمد في قرآنه دون تمحيص مكملاً الورطة التي تلاحق أتباع الأديان الكبرى إلى اليوم؟.
وعندما تطرح أمام المؤمن هذه التساؤلات فهو يسارع لطمأنة نفسه بالقول أن السبب راجع لوحدة المصدر، أي أن الله حكى القصة في الطبعة الأولى التي تم قرصنتها مما جعله يعيد روايتها في طبعة منقحة!، كقصة سليمان ونوح والآن يوسف. كامل الأحداث منقولة من التوراة كما أنها واردة في النسخة المسيحية، ويفترض أن مكان وزمان القصة إبان الحضارة الفرعونية وهناك أقوال أن ذلك تم خلال فترة حكم الهكسوس، والواقع أن لا أحد يعرف متى حصلت هذه القصة على وجه التحديد، خصوصاً أن الحضارة الفرعونية المتحمسة دوماً لنقش وتدوين كل شيء أسقطت قصة يوسف من كتاباتها ونقوشها!، ويتهرب المؤمنون من هذه الحقيقة الموجعة بالقول أن الفراعنة لم يكتبوا إلا عن انتصاراتهم أفلا يعد الانتصار على سنوات المجاعة العجاف الذي ما كان ليتم لولا قدرات يوسف في تفسير الأحلام انتصاراً يجب أن يُكتب ويوثق؟

سبع سنوات
المشكلة أن هناك تفاصيل احتوتها السورة لم تذكر في التوراة بل ذكرت في التلمود، وهذا الأخير ليس كتاباً دينياً آخر بل مدون عبر أحقاب من قبل حاخامات كحواشي أو تفاسير بشرية للتوراة فقط!
ربما يكون الله قد نقل تفاصيل قصته من هذا الكتاب على اعتبار أن التوراة تم تحريفها، ولكن لماذا يحرف اليهود في التوراة تفاصيل لا تؤثر على صحة القصة مثل: الشاهد من أهل زليخا وتمزيق قميص يوسف ونحو ذلك ثم يذكرونها ويبقون عليها في التلمود؟!
إذاً..الله ينقل من كتبه السابقة وكذلك يسرق من الحواشي أيضاً وليس لديه أي فكرة عن حقوق الملكية الفكرية.
اليهود

أصل المشكلة أن يعقوب يحب يوسف ويفضله على باقي اخوته رغم الأثر السيء المعروف لمثل هذا التصرف على رعاية النشأ وكان عليه أن يستدرك الأمر كرجل حكيم بدلاً من ترك الأمور تتفاقم إلى درجة أن الإخوة تخلصوا من أخيهم بطريقة تليق بتربية الشوارع وليس أبناء نبي مزعوم!
أيضاً..يوسف استطاع مقاومة إغراء زليخا بصعوبة وكاد يسقط في العسل لولا أنه رأى برهان ربه، والتفسير الإسلامي مختلف حول هذا البرهان وما هيته بين رؤية الأب يعقوب وبين ملاك أرسله الله خصيصاً قبل أن يندمج يوسف فيصعب منعه، وهنا يُحرج الله نفسه فهو من جهة يمنع البشر من الزنا بتشريع يعرف أنه غير مجدي باعترافه شخصياً، فحتى النبي هنا نجده بحاجة إلى برهان في اللحظة المناسبة قبل الانتصاب الكامل!
كذلك انكشاف أمر زليخا وخيانتها لم يمنع القصة في السورة عن التوقف والانتقال إلى السجن مباشرة بل يحدث موقف دخول يوسف على النسوة وتقطيعهن لأيديهن عند رؤيته بعد الفضيحة!، وهذه زلة كبيرة من القرآن في ترتيب أحداث القصة تفاداها التلمود بأن جعل هناك مواقف سابقة أقل وطأة بين البطلين حتى نحلت زليخا واصفرت من شدة العشق مما جعل نسوة المدينة يسمعن بالحكاية فاستدعتهن زليخا ليرين يوسف ويعذرنها في هزالها وذلك قبل يوم الانكشاف، وأراه السياق الأنسب للقصة حيث لا يعقل أن يبقى وضع يوسف وزليخا بالبيت على ما هو عليه حتى بعد انكشاف وقوع زليخة في عشق يوسف إلى درجة أنها حاولت اغتصابه ومزقت قميصه!
(فلما رأى قميصه قُدَّ من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم، يوسف أعرض عن هذا واستغفري لدينك إنك كنت من الخاطئين، وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين....)
اخوة يوسف

أما أن النساء قطعن أيديهن عند رؤية يوسف فهذه أسخف جزئية، وحتى لو سلمنا جدلاً أن يوسف وسيم لهذه الدرجة فإن رؤية الجمال لا تتسبب في أن يؤذي المرء نفسه، ولو كان حُسن يوسف ورموش عينيه يؤدي إلى ذلك لتم عزله أو تغطية وجهه حيث أن كل امرأة تراه ويتصادف وجود آلة حادة في يدها ستؤذي نفسها بسببه!، تخيلوا يوسف ماراً على نسوة يزرعن بالفؤوس في حقل فأي مذبحة ستجري حينئذ؟!، ثم ما بال يوسف يسارع بالخروج في تجمع للنسوة متبختراً يستعرض ودون أن يأبه لمقدار الأذى الذي تسببت فيه رعونته.

قصة يوسف أسطورة تضمنت ما يكفي من إثارة وتشويق لتبقى وتستمر، فلدينا يافع وسيم وحسناء لعوب تجمعهما ظروف بشكل يومي..وبهذا تكتمل أدوات إنشاء قصة ذات حبكة مثيرة وجاذبة تصلح ليتناقلها الركبان عبر العصور، وأنا احترم كل من يحاول استخلاص عبر ومعاني من هذه القصة لكن دون اعتبار أنها حقيقية وحدثت وفق الرواية الدينية بالضبط، لأنها بهذا الشكل تتحول إلى قصة مضحكة تحتوي الكثير مما يكشف زيفها وما أضيف إليها عبر العصور من أجل الترويج، ويمكنني المساهمة في ذلك بإضافة بسيطة:


( شعرت بيده التي كان تدفعها ترتخي عند خصرها، رفضه بدأ يستكين ويخضع لاغواء جسدها الغض الذي يحتضنه، فجأة ينتفض ويولي إلى الخارج، تطارده وتحاول الإمساك به قبل أن يصل إلى الباب فيتمزق قميصه وهي ترجوه لو يتركها تلثم فقط شفتيه، الباب يُفتح وإذا بزوجها يدخل ويقف بينهما ويقول مندهشاً: يوسف؟!)
قد القميص

سلام للعقلاء

شارك الآخرين


free counters